التخطي إلى المحتوى الرئيسي

الحياة ما بين الشر والخوف و الاعتياد

تدوينة ديسمبر المعتادة،تأجلت عشرات المرات وهأنا أتيقن بكل مرة أن هذا الفعل يجعلني أفقد الكثير. أتذكر الشعلة الزرقاء التي رسمها جبران لميّ زيادة. لا أدري ما السبب وما علاقتها بيّ. ولكن أشعر أن هذه حالتي مع الكتابة مادامت اللحظة حاضرة والشعور والمشهد فالإلهام يتّقد والحاجة الملحة لذلك تشتتني عن الواقع. وبكل مرة أترك تلك اللحظة تخبو الشعلة بداخلي وأصبح هشة والقلق يزداد وكما قال كيركجارد هو الذي أضلني

في السنوات القليلة الماضية أصبحت الحياة تتسارع معي وكأنما هناك 
أحد ما يعيشها بدلاً مني. اتخذت قراراتٍ عديدة للرحيل من مراحل
ومحطات والقدوم إلى أخرى مختلفة تمامًا عمّا أفكر به وأتوقعه
ولله الحمد معظمها كانت تستحق القدوم إليها وهذا العام تضمن بعض من هذه القرارات قبل نهايته

هل فعلاً الإنسان مُسير لا مُخير؟
ما زلتُ بكل مرة أبحث عن إجابةٍ لهذا التساؤل 
https://drive.google.com/uc?export=view&id=18w-ems7yxSJAjq7urbR1l8Cbe6pj3Y9_
الشهور الثلاثة الأخيرة ضربت كل العالم بعرض الحائط مع ماحدث بغزّة وما زال يحدث، أمرٌ مريع أن تتيقن بأن البشرية وكل حضاراتها وكل فظاعتها بالتاريخ لم تزل على ماهي عليه من وحشية وهيمنة حتى هذه اللحظة. الآن أتذكر كتاب "الخوف السائل" لباومان،هذا الكتاب فسّر حالة العالم المخيف والمتهالك الذي وصلنا إليه
العنف والبشاعة أصبحت قرين للديمقراطية
مقدمة الكتاب لهبة رءوف عزت كتبت :
"في ظل هذا الخوف السائل من كل شيء،والذي يستبيح كل شيء بدعوى الأمن القومي تارة وتأمين الذات تارة أخرى،لا يسع الإنسان إلاّ اللجوء إلى حالة من الإنكار لما يعيشه،بل ويراه رأي العين،من شرور كي يمكنه مواصلة الحياة،فكيف يمكننا التعايش مع كل هذا الشر سوى بإنكار وجوده أو 
إنكار مسؤوليتنا عنه؟"
وتطرقت بعدها عن تفاهة الشر لحنة أرندت التي قالت أن العنف نابع جوهره من الخوف
رغم أن باومان استطرق بحديثه إلى وصول هذا الخوف للدول المتقدمة في الفصل الخامس المعنون (بإطلاق عنان الخوف) وإن كان مختلف عمّا نعانيه نحن 

في التاسع من ديسمبر دونت حالة الخوف هذه التي وصلتُ إليها من هذا العالم البشع ،كان المشهد لحظة كنت أتأمل فيها بهجة أطفال أختي وهم يلعبون بالخارج أمام منزلنا،يومها الجو كان صحو وهادئ مساءً ولحظة شعرت بالسكينة إنساب إليّ خوفٌ عظيم ،أيقنت فيه أننا نعيش بعالم مريع يحكمه شر شائع وأصبح الخوف الأعظم أن نألف هذا الشر
وهأنا أمام كل هذا الخوف أتذكر ما الذي كنت أريد فعله عندما كنت أستشيط غضبًا وكمدًا على ما يحدث للبشر بغزّة،كيف أساعدهم وكيف أخفف من غضبي وأحوله لأمر أستطيع التعامل معه. ولم أجد غير الكتابة والتي تخونني عبراتي وعجزي أمامها،وينتابني خزي من اعتيادي على هذا الكمد فكيف بالعيش والاستسلام له

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الوجود الضبابي: اعتذار مع سبق الإصرار

بداية لا أعلم لمَ أشرح كل هذا على الملأ،وقد ترددت كثيرًا في الحديث عنه،لأنني فعلاً لا أستسيغ التبرير (خاصة إن كان بالأمور الشخصية) ولكن يعز عليّ أن الأمر أصبح يزعج المقربون بالواقع وهنا. لذلك وجب الحديث..والله المستعان. الحالة التي سأتحدث عنها هي عادة النسيان و الإهمال بالعلاقة والغياب بلا أي سبب..كل ذلك يعود لطبع متجذر منذ الطفولة لا يعلمه غير أمي،حتى أنا نفسي وبوسط المعمعة لم ألحظه!وقد أدركته بالثلاث سنوات الماضية على يد أقرب الناس لي ،أدركته كحالة مزمنة تمَكْنت مني برضا تام و تجاوب من طرفي.و ما أكثر الاضطرابات التي سببها لي بمواقف عدة.و ما زال الحال نفسه. الشرود المباغت،أو لنسمه الشرود المبالغ بأمره. أمي كانت تكرر عليّ أي أمر تريده،بحال غيابها أو احتياجها لي..تكرره وهي تنظر لي على اتساع عينيها مرددة: سمعتِ،فهمتِ..أنتِ معي؟ مع أمي لم أشعر أن بي مشكلة،فكل الأمهات هكذا يرون أطفالهم مميزين.و ما حدث قبل ثلاثة أعوام،لم أجد نفسي سوى أني أشرح لصديقتي "منى"هالة تحيط بي وتسبب لي حرج و مشاكل مع الآخرين..ولكنها بذات الوقت تربطني مع نفسي بطمأنينة وثبات،ول

الحب في الوحدة

                           نهرب مما و نحن نحيا بكل هذه العذابات،نهرب مما و لا نشوة تعادل طيران تلك الفراشات بداخلنا القاحل،نهرب مما ونظرة كافية لأن نعيش عمرين لأجلها،نهرب مما وابتسامة تتسرب بدمنا تنعشنا و بذات الوقت تؤلمنا..تؤلمنا!؟ إنه الخوف . نخاف من الرفض،نخاف من الهجر..نخاف من أننا نحب أكثر مما ينبغي،نخاف من الضعف،من الشجن،نخاف من الألم ،من عدم مقدرتنا على تحمل ثقل الألم،على وحشة الفراق ..نخاف من ابتلاع ليالي الحنين ،من العجز ..من الاستسلام للحسرة الباردة،من الركام الذي فاض بالرماد بداخلنا.نخاف من الخيبة التي تميتنا ببطء،الخيبة التي تنسف كبريائنا ( الخيبة من النفس) نخاف من أن يلمس أحدهم ذلك الوتر الحساس،من قدرته على إدراك تلك الرعشة. و أخيرًا نخاف من الفقد..من رهاب الفقد. و لأجل ذلك نفضل الهرب..نعم الهرب. لماذا الخوف و الهرب؟ لأننا لا نعرف من نحبه جيدًا لا نعرفه..حتى نأمنه. ولكن هل بإمكان الهرب،مواجهة الوحدة؟ الوحدة العظيمة. لريلكه نص يجمع بين الوحدة والحب،بل ويربط بينهما للوصول للحب الطويل، الحب الأكثر إنسانية..قبل قراءة النص،أرجوك "أيها القارئ يا شبيه