التخطي إلى المحتوى الرئيسي

أبريل الميلاد: ولادة جديدة

منذ عام ٢٠٢٠ بكل شهر أبريل اعتدت تدوين ذاكرة سريعة أعود بها للوراء. ذاكرة أقتفي بها أثر تجارب جعلتني أفهم ذاتي وتصوري لما حولي، تجارب عشتها وتجاوزتها منذ الثاني من أبريل السابق وحتى الثاني من أبريل الحالي.
 العام الماضي كان عامًا حافلاً اجتماعيًا ومهنيًا، واجهت فيه ما لم أتوقع أنني قادرة على مواجهته، وإن كانت النهايات مغايرة عما بذلته يكفي أنني تعلمت أن أصبح أكثر هدوءًا وأن أرفق بنفسي قبل كل شيء. 
 عمومًا هذه المرة لا أريد أن أتذكر إلا أمرًا واحدًا فقط، الأمر الأكثر أهميةً وثباتًا في ذاكرتي. حدث في سبتمبر الماضي وها هو اقترب تمامه، أمرٌ كنت أنتظره منذ عامين، انتظرته بين رجاء وخوف. هو موعد لقاء مع حلم يكبر بداخلي، لقائي مع طفلي الأول .أرجو أن تمضي أيامه المتبقية بكل خير وطمأنينة.
https://drive.google.com/uc?export=view&id=1rQxSECBTCEyEWLW3qsKP6kJrHPPvkteA

 ما بين الخوف والفرح:

 "الإنجاب" لطالما كنت أخاف هذا الأمر وقد كان سببًا في تجنبي الارتباط لسنوات. أن أصبح أُمّا لأحدهم وأن أجلبه لهذه الحياة ليس بالأمر السهل أبدًا، بكل مرة أفكر بذلك أتذكر مقولة "فرانز كافكا" لا يحضرني النص ولكنه عنى أن التربية أصعب مهمة تواجه الإنسان وقلما ينجح بها. أتفق معه فيها ولا سيما بهذا الزمن الذي تتضارب فيه المصالح وحب الذات مع القيم والمبادئ الأخلاقية ،"الزمن السائل " كما وصفه زيجمونت باومان .

  منذ بداية حملي كل يوم أقول لنفسي أحقًا سأصير أُما! أم أنني أحلم، رغم خوفي أشعر بسعادة عارمة ويغمرني الامتنان ويوما بعد يوم أتوق لرؤية صغيري بين يديّ، وبكل مرة أدرك أن ارتباطي بالحياة أصبح أكبر، لأن هناك من يعتمد عليّ ويراني كل عالمه، على الرغم من جمال ومهابة الشعور إلا أنه أمرٌ مرهق ومخيف بالفعل. 
 هل سأعتني به جيدًا؟ هل باستطاعتي تربيته وإرشاده ليجد طريقه بالحياة؟ هل سيكبر سريعًا مثل باقي الأطفال؟ ما بين حماسة وقلق أتساءل كل يوم ذات الأسئلة، ولكن عندما أتذكر أبويّ وزوجي وأرى من هم حولي وكيف استطاعوا فعلها تنجلي غمامة خوفي وأؤمن أن باستطاعتي فعل الكثير وبأفضل وسيلة ممكنة.

 إدراك الزمن:

 يؤرقني مرور الزمن كعادته ولكنه هذه المرة مختلف، أشعر كما لو أنني عقدت معه هدنة ،ومراتٍ أشعر أني تخليت طواعية عن كل ما يؤرقني. ربما أنها حالة نفسية عابرة ،ولكني أعتقد أن هذا هو حال الحياة مع البشر، تمضي على هذه الوتيرة دون أن نشعر بها.وقد تنقضي بأكملها دون إدراك منّا. أحاول أن أذكر نفسي بهذا الأمر حتى لا أفقد معنى العيش، وأن أتدارك الزمن بفعل كل ما أرغب به، وتجاوز ما لا يستحق جهدي وفكري، والأهم أن أتبع نصيحة كتبها ليو تولستوي في رواية الحرب والسلم: "تمسك بلحظات السعادة والحب وكن محبوبًا! إنها الحقيقة الوحيدة في العالم وكل ما سواها محضُ حماقة"
 على الرغم من تضارب عواطفي ،سيبقى ميلاد هذا العام مختلف تمامًا عما عشته من قبل، وستظل ذاكرته محفورة بوجداني لأنني أعيش أجمل وأرهب شعور قد يمر به الإنسان، أعيش ولادة جديدة.. فأنا سأصبح أُما،نعم أُما.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

رفاهية القلق

قد تصبح الحياة عادية ولا شيء فيها يجعلنا نستيقظ بالغد، ما الذي يعزز هذا الشعور بالواقع؟ مرت ثلاثة أشهر على هذا الحال،أقول لنفسي كل يوم هل هذا الشعور عادي، أهو ملل أم اكتفاء أم هو اليأس! في كل مرة أريد إنجاز مهمة بسيطة من جدول العمل أجدني أنهض من على الكرسي وأذهب لأبحث عن أي شيء يجعلني لا أعود للمكتب، على الرغم من إدراكي أنني سبق وعشت مثل هذه المشاعر من قبل و لا سيما في بدايات الخطط طويلة المدى ،إلا أن الأمر هذه المرة مختلف. فقد كان يلازمني شعور ثقيل جدًا ، جلد للذات وخوف من فوات الفرص وتعب التأجيل، كنت أؤنب نفسي كثيرًا ،كان شعورًا مرهقًا بالفعل ولكنه كان يجبرني على البدء بالعمل وإنجاز المهام. هذه المرة لا أجد هذا الشعور بداخلي، أحاول أن أجد شيء ما يجعلني أعود لتلك الحساسية المفرطة اتجاه الزمن وسيلانه،والخوف من الاعتياد على حياة العبث،أحاول ولم أجده. ألاحظ مؤخرًا أنني صرت أشبه الكثير من النساء من حولي، كلما كنت بينهن أتذكر السنوات التي قضيتها من عمري وأنا أمقت حياتهن وهذا النمط الممل والكئيب من العيش،كنت أشعر أنها حياة خالية من حب الذات، حياة مليئة بالحسرة والندم على فوات الفرص.ولكن...

ابريل الميلاد: الزمن ينتصر

قبل أن أكتب هذه التدوينة قرأت تدوينة ابريل الماضي،حتى أتذكر مالذي حصل بالأشهر الماضية ،حقيقة لا أدري كيف مرّت هذه السنة . منذ ابريل الماضي وحياتي تمضي بلا أية هوادة . لقد كان عامًا مزدهرًا جدًا بالنسبة لي ،مزدهرًا بالحب والرضا والطمأنينة،بالسكينة والحمدلله وإن كانت تزورني حالات قلق لأمرٍ ما زلتُ أجتهد في نيله ولكني أتلاشاه بأيام العبث والخفة المطلقة . حينما اقترب يوم ميلادي أدركت أن الزمن يمضي ولستُ بقادرة على عقد هدنةٍ معه . كما اعتدت بأعوامي الماضية مرةً قلتُ لنفسي هي محسوبة إلى أجل مسمى أعني الهدنة التي يغتالني فيها الزمن وأصبح بين الناس كائن ضبابي . كنت بذلك الوقت أقضي أيامها بجلد الذات ومراتٍ بالسكينة والرضا التام وبعضها بالعبث واللامبالاة . أمضيها بعزلة غير مرئية قد يصل بي الحال إلى هذيان مضنٍ ولا أطيق حالتي تلك،ولكني بالنهاية أخرج منها بنفسٍ خالصة من القلق والريبة . اليوم أشعر بأنني استسلمتُ لهاجس الزمن الذي رأيته كائنًا حيّ بالما...