الساعة ٥ فجرًا على صوت والدي أنا وأخي لنُعدّ رحالنا للديار .كانت رحلة لثمان ساعات، بعد أن أجرى والدي عملية تكللت بالنجاح ولله الحمد.قبلها بأسبوع كنت برحلة قصيرة لإجراء اختبار قبول الماجستير. كانت بالفعل أيام حافلة وكنت أجاهد أحيانًا لأبقى يقظة لما حولي وأحيانًا كثيرة كنت بحالة يقظة هستيرية.
والآن أظن أنني سأجعل تدوينة ابريل كمذكرات أحتفظ بها لنفسي ولذاكرتي في مواجهة الزمن .لنرى ما الذي يستحق أن يُكتب منذ ابريل الماضي.
بداية يونيو وضعت خطة دراسة لهدف واحد ولكنه يفتح لي أبواب لرغبات كثيرة أبقيتُها صامتة لزمن طويل. صامتة لأسباب عديدة أولها الخوف وآخرها اليأس وقلة الحيلة .لذلك جازفت بما لا أُطيق تحمله ومضيت.
كانت الأمور تتوالى تباعًا بعضها استرسل معي والبعض الآخر وصل تعقيده لحالة هذيان مُضنٍ.
بأوقاتٍ كثيرة كنت لا أدرك ما فعلته إلاّ من بعد تجاوزه بزمن لا يُذكر. مثل استقالتي من العمل ومن ثم حصولي فجأة على عمل آخر أفضل منه بعشرات المرات، وهو ما لم أسعى إليه بمقدار ربع ما اجتهدت بتلك الأولى. ورغم ذلك الثناء الذي وجدته بالمقابلة ،وبعد معاناةٍ لدفن صراعات فكرية لوأدها للأبد، لم أباشر العمل وانسحبت منه لأجل خاطر أبي.
بعدها وقعتُ بحالة عبث لا توصف استمرت بنهاية نوفمبر وحتى الرابع من يناير هذا العام. يومها عاهدتُ نفسي بالعودة للدراسة ولا شيء غيرها أبدًا واجتهدت بهذا الأمر وسعيت وأدركت حتى هذه اللحظة أن لا شيء مما عشته سابقًا ومما هدرته من عمري يستحق العيش أمام ساعة واحدة من هذا السعي للمعرفة .
اليوم أحاول بل منذ عدة أيام أن أُلملم شتاتي من هذه الفجوة بعد ضغط ثلاثة أشهر من الدراسة المكثفة وانقطاع عن مجمل ما اعتدت فعله بحياتي اليومية كالتواصل مع الآخرين والنوم متأخرة والقراءة والتحدث مع أهلي وأخبار العالم ومجرياته.
بداخلي وحشة لا أستطيع التكيف معها بأية طريقة، ولا رغبة لي بفعل شيء يساعدني على تقبلها ومن ثم تجاوزها. وحشة وانتظار لنتيجة السعي، انتظار يخالطه تبلد لا أحتمله. أريد العودة لتلك الحماسة بالمعرفة والاستزادة بالعلم ولا شيء غير ذلك. أشعر وكأنني عجوز تقاعد بعد أن أفنى عمره بعمل واحد لا غير.( تذكرت رواية "الهدنة" لبينيديتي)
أظن أن الذي أعيشه الآن هو الخوف من الفشل، الخوف الذي استغرق مني ٨ سنوات لمواجهته وهو ذات الخوف الذي تحدث عنه البروفيسور: جوردان بيترسون في أحد محاضراته عن العمر والفرص وإدراك الزمن
.
هناك أمل ضعيف يرق له قلبي وأضعف أمامه، وهذا الضعف الذي أمقته أشدّ مقت. يحفني رضا وإيمان يُمسكني عن السقوط، إيمان بأن ما اجتهدت إليه لن يضيع سدى لأنني وبصدق بذلت أقصى طاقتي، ولا يهمني إن خاب ظن أحدهم بي. قال لي أحد أساتذتي "دانيال" :لا بأس إن خيبتي ظن من آمنوا بكِ ما دمتِ في سبيل المحافظة على نفسكِ بلا اضمار سوءٍ لهم.
وهذه صفة محمودة تقبلتها مؤخرًا بعد زمن طويل من جلد الذات.
تعليقات
إرسال تعليق