"هكذا كانت الوحدة
...و الأرق"


كانت ليلة أرق
تعيسة...بالنسبة لي الأرق نوعان، الأول هادئ مسالم أو تستسلم له بالأصح ،و الآخر
بغيض ممتلئ تعاسة.لا تستطيع الاستسلام له و لا هو راض بأن يتركك و شأنك ..و
كالمغلوب على أمره و الحانق بالوقت ذاته..فتحت رواية " هكذا كانت الوحدة"
حياة كاملة اختصرها خوان مياس في 180 صفحة فقط!
وساوسنا مع أنفسنا، مشاكلنا
مع آبائنا و أبنائنا و مع الزمن
ايلينا تجاوزت كل ذلك
ووصلت للاشيء ..وصلت للانفصال عن الحياة
و التمدد للذاكرة و
آلام المعدة.
فيأتي الموت ويختطف
أكبر وجع بذاكرتها ..و يبدأ التمدد لها عندما تقع بين يديها مذكرات للميت مصادفة .
ومن هنا تعرف حقيقة
انفصالها عن المحيط .و رغبتها بالاستمرار بهذا لا تتغير..و لكن تجتاحها رغبات
غريبة..و كأنها محاولة أن تسترجع ذاتها من
كل ذلك الركام.
لا أدري لماذا ذكرتني
ببطل بينديتي في "الهدنة "و لا أدري لماذا حاولت أن أتوقف عن القراءة
مخافة من النهاية! بل كأني توقعت نهاية مشابهه لها
حواراتها الباردة مع
زوجها هذا الآخر كان أعجوبة..مريض مثل ايلينا و لكنه متصالح مع مرضه بطريقة سلمية
للغاية. كانت حوارات واقعية بالنسبة لزوجين مثلهما و لكن لا أقنعة أبدا.هدوء و لا
مبالاة.
كل مرة تعود ايلينا
لقراءة المذكرات،تنزف بداخلك مخاوف الزمن و هذا الورم الذي سمته ايلينا لا يتوقف
بل يكبر و يستمر بقتلنا ببطء.
تتخبط مخاوفنا بأننا
مختلفين و لكن لا ..لا تنخدع.قد يحدث و تصير مثل ايلينا ..لأننا جميعا كنا مثل هذه
الطفلة.و البعض منا قد يدفعه الحب للوقوع بمكانها..حب الأم مثلا،نتشابه و نقسو على
بعضنا،بدافع الحب.
و ذات الشبه يمنعنا
من الاعتراف بذلك..و يمضي بنا للأسوأ.
حب الشريك قد يفعل
أيضا... و الكابوس بأنك لا تريد أن تستمر و لا تستطيع أن تتخذ القرار..كذلك يقتلك
ببطء.
و الورم يكبر..و يلحق
حتى الأبناء.
الأمر الذي كان بديع
من الراوي هو شعوره بداخل المرأة و الأم تحديدا مع الوحدة:
"فكرت في مرسيدس
ابنتي،وفي انريكي زوجي،كما لو كانا جزأين من وجودي منفصلين تماما عنه.كانت حياتي تبدو
مبتورة و بلا فائدة.أعتقد أنني خلال العشرين سنة الأخيرة دافعت عن نفسي ضد العواطف
دون أن أفكر أن كل واحدة من تلك الدّفاعات كانت تعني بتراً ما.نال الحزن مني في
مكان ما و لكن لم أصل إلى حد البكاء."
خوان مياس لم يسلم من
شبح كافكا أيضا..و الثاني يستمر أبنائه في الأدب بالتكاثر.من ماركيز حتى أغوتا
كريستوف.
7 يوليو 2018
تعليقات
إرسال تعليق