بورخيس و معضلة الزمن:إننا نحس دائماً بهذه الحيرة القديمة التي أحس بها هرقليطس حد الموت،في مقولته الشهيرة
و التي أتمثل بها دائماً "لا أحد يستحم في النهر نفسه مرتين"
لماذا لا نستحم في النهر مرتين؟ أولاً ،لأن مياه النهر لا تتوقف عن الجريان. ثانياً و هذا أمر غريب يؤثر فينا ميتافيزيقيا و يسبب لنا بداية رعب مقدس. و هو أننا نهر يجري بلا انقطاع إن إشكالية الزمن تكمن هاهنا،إنها معضلة الزوال و الفناء.
فالزمن يمر،و هنا أذكر هذين البيتين الرائعين لبوالو:
فلنسرع،لأن الزمن هارب و يجرنا معه
و اللحظة التي أتحدث فيها تنأى عني ( الزمن- خورخي لويس بورخيس/ترجمة: محمد لعميم)
إذن هل باستطاعتنا تسليم أنفسنا لقلوبنا..أو لشعور انصب علينا مثل الطوفان،و تدفقنا معه للهواء؟
لدرجة نشعر بأننا ملوك ذواتنا..و بأننا نعلم كل اليقين بأن كل هذا لنا.
جميل أن نكون مُتخمين بهذه الثقة.و جميل أن نكون ما زلنا نفيض بهذه العاطفة و لكن ألا نفكر و لو للحظة واحدة
بأننا نظلم الزمن.
الزمن؟!!
نعم..الزمن.كل هذه النشوة تدخلنا في سبات عميق لا ندركه .و حتى لو حصل و أتتنا إشارة،إشارة أقل من الثانية،نعود و نشتتها حتى لا نفسد اللحظة.
إنه لمن العظيم أن تكون بهذه القوة..و تحارب مخاوفك بل و تتجاهل الزمن لأجل لحظة!
اللحظة زائلة أما الزمن مستمر.
و هذا الاستمرار يترك علاماته علينا..إجبارياً.
كنتُ و ما زلت أغبط من يقدسون اللحظة،كأنهم ولدوا و يعيشون و سيموتون لأجل ذلك.
لم أستطع يوماً تجاوز الزمن..كان دائماً و في أعظم لحظات حياتي يجد طريقاً ليتسلل و يفسدها.
أحياناً أشعر به يتجسد بهيئة غريب عريض المنكبين يرتدي معطفاً قاتماً حتى أسفل ركبتيه،يقف بجمود في إحدى الزوايا.
دائماً زاوية..و كان في كل مرة يختار الزاوية المناسبة حتى في لجة الزحام..
و دائماً صوته كان يصل بذات النبرة..و بكل ذلك الثبات و التبجح يردد: أنا باقٍٍ و أنتم فانون.
هؤلاء أمامكِ الآن و لكنك تعلمين بعد غد و بذات يوم لن يكونوا..كل شيء هنا زائل لا محالة.
أنظري هذا الكأس بيدكِ..تلك المزهرية،هذا الجدار..هذه العتبة..الضوء و الصوت. كله سيتلاشى ببساطة.
فلماذا تنجرفين هذا الانجراف.
على الأقل أعطني الحق حتى بهذه اللحظة.اعترفي بوجودي.
لا تغضبي ..أنتِ تعلمين لا بد و بنهاية الطريق سنتصافح ..لا مفر.
لطالما صافحتٌ الكثيرين ،كلهم كانوا مثلكِ.لم أكن أريد أذيتكم ..جميعكم،فقط أردتُ أن تكبحوا هذه الرغبة ..أن تتداركوا أنفسكم.و حتى أن نتفق على تعايشنا.
أنتم البشر دائما في سباق معي.. و رغم معرفتكم بانتصاري، و ما زلتم و فجأة أخذ يقهقه..و محاولاً كبح ضحكاته
أكمل: معذرة،لقد أثرتم عليّ بهذه الصفة...أنجرف مثلكم !
أنتم جداً غريبون...تنحنح: أين كنا؟
نعم.الاتفاق ..لو أننا نتفق و نجلس هكذا متقابلين.
-مرحباً أنا الإنسان
-مرحباً أنا الزمن
-حسناً باختصار ،أنا زائل و أنت مستمر ..أنا لا شيء و أنت كل شيء.سأظل متذكراً هذا...اتفقنا؟ إلى اللقاء.
و أخذ يضحك: متسرعين ..متسرعين .
و عادت تلك النبرة الثابتة: إلى هنا...اكتفينا.
أرجو أن تظلي تذكرينني و تشعرين بي.
لا تنجرفي أيتها الغريبة.
"يقول القديس أغسطين بأن روحه تحترق،تحترق من أجل معرفة الزمن و يتوسل إلى الله كي يلهمه معرفته."
لو أن أغسطين تذكر زواله ،لشعر بشبح الزمن و لربما رآه يراقبه من زاوية وحيدة... ينتظر مصافحته لا احتراقه.
و التي أتمثل بها دائماً "لا أحد يستحم في النهر نفسه مرتين"
لماذا لا نستحم في النهر مرتين؟ أولاً ،لأن مياه النهر لا تتوقف عن الجريان. ثانياً و هذا أمر غريب يؤثر فينا ميتافيزيقيا و يسبب لنا بداية رعب مقدس. و هو أننا نهر يجري بلا انقطاع إن إشكالية الزمن تكمن هاهنا،إنها معضلة الزوال و الفناء.
فالزمن يمر،و هنا أذكر هذين البيتين الرائعين لبوالو:
فلنسرع،لأن الزمن هارب و يجرنا معه
و اللحظة التي أتحدث فيها تنأى عني ( الزمن- خورخي لويس بورخيس/ترجمة: محمد لعميم)
إذن هل باستطاعتنا تسليم أنفسنا لقلوبنا..أو لشعور انصب علينا مثل الطوفان،و تدفقنا معه للهواء؟
لدرجة نشعر بأننا ملوك ذواتنا..و بأننا نعلم كل اليقين بأن كل هذا لنا.
جميل أن نكون مُتخمين بهذه الثقة.و جميل أن نكون ما زلنا نفيض بهذه العاطفة و لكن ألا نفكر و لو للحظة واحدة
بأننا نظلم الزمن.
الزمن؟!!
نعم..الزمن.كل هذه النشوة تدخلنا في سبات عميق لا ندركه .و حتى لو حصل و أتتنا إشارة،إشارة أقل من الثانية،نعود و نشتتها حتى لا نفسد اللحظة.
إنه لمن العظيم أن تكون بهذه القوة..و تحارب مخاوفك بل و تتجاهل الزمن لأجل لحظة!
اللحظة زائلة أما الزمن مستمر.
و هذا الاستمرار يترك علاماته علينا..إجبارياً.
كنتُ و ما زلت أغبط من يقدسون اللحظة،كأنهم ولدوا و يعيشون و سيموتون لأجل ذلك.
لم أستطع يوماً تجاوز الزمن..كان دائماً و في أعظم لحظات حياتي يجد طريقاً ليتسلل و يفسدها.
أحياناً أشعر به يتجسد بهيئة غريب عريض المنكبين يرتدي معطفاً قاتماً حتى أسفل ركبتيه،يقف بجمود في إحدى الزوايا.
دائماً زاوية..و كان في كل مرة يختار الزاوية المناسبة حتى في لجة الزحام..
و دائماً صوته كان يصل بذات النبرة..و بكل ذلك الثبات و التبجح يردد: أنا باقٍٍ و أنتم فانون.
هؤلاء أمامكِ الآن و لكنك تعلمين بعد غد و بذات يوم لن يكونوا..كل شيء هنا زائل لا محالة.
أنظري هذا الكأس بيدكِ..تلك المزهرية،هذا الجدار..هذه العتبة..الضوء و الصوت. كله سيتلاشى ببساطة.
فلماذا تنجرفين هذا الانجراف.
على الأقل أعطني الحق حتى بهذه اللحظة.اعترفي بوجودي.
لا تغضبي ..أنتِ تعلمين لا بد و بنهاية الطريق سنتصافح ..لا مفر.
لطالما صافحتٌ الكثيرين ،كلهم كانوا مثلكِ.لم أكن أريد أذيتكم ..جميعكم،فقط أردتُ أن تكبحوا هذه الرغبة ..أن تتداركوا أنفسكم.و حتى أن نتفق على تعايشنا.
أنتم البشر دائما في سباق معي.. و رغم معرفتكم بانتصاري، و ما زلتم و فجأة أخذ يقهقه..و محاولاً كبح ضحكاته
أكمل: معذرة،لقد أثرتم عليّ بهذه الصفة...أنجرف مثلكم !
أنتم جداً غريبون...تنحنح: أين كنا؟
نعم.الاتفاق ..لو أننا نتفق و نجلس هكذا متقابلين.
-مرحباً أنا الإنسان
-مرحباً أنا الزمن
-حسناً باختصار ،أنا زائل و أنت مستمر ..أنا لا شيء و أنت كل شيء.سأظل متذكراً هذا...اتفقنا؟ إلى اللقاء.
و أخذ يضحك: متسرعين ..متسرعين .
و عادت تلك النبرة الثابتة: إلى هنا...اكتفينا.
أرجو أن تظلي تذكرينني و تشعرين بي.
لا تنجرفي أيتها الغريبة.
"يقول القديس أغسطين بأن روحه تحترق،تحترق من أجل معرفة الزمن و يتوسل إلى الله كي يلهمه معرفته."
لو أن أغسطين تذكر زواله ،لشعر بشبح الزمن و لربما رآه يراقبه من زاوية وحيدة... ينتظر مصافحته لا احتراقه.
تعليقات
إرسال تعليق